الأربعاء، 27 أبريل 2011

تكست: العدد 11 و 12 - لتأخذني اقدامي حيث تشاء: سيناريو الصحراء الاولى نص مجيد الموسوي


لتأخذني أقدامي حيث تشاء

مجيد الموسوي *

(سيناريو الصحراء الأولى )

(نص)

1

اسقط في الصحراء :أرى

الجواد بانتظاري - عاريا بلا سرج ولا لجام – أحمر كالغروب

كيف ألاحق الشمس وهي لا تكف عن الروغان

من الشرق إلى الغرب , من النهار إلى الليل

قالت العرافة :أمامك طريقان

وحدقت في خرزات الرمل

أنا مع وحدتي

ووحشتي

والريح

سماء شاسعة تغلفنا: وصحراء لا تقود إلى شيء !

لماذا أنا هنا ربما قادني الحلم أو الخوف أو المصادفة !

اابحر في رمل على جواد بلا سرج!

ومن ينتظر في آخرة الغسق : السراب أم رائحة الأمل ؟

سأسوى خرائطي بنفسي . .

لو اختارت العرافة

طريقا لي

افقد

متعة الموت :

(شعاعة رملية نفاذة تنطلق من الحصى المتراكم ) .

افرد يديك وتصالب بسمت الشمس وستكون الجهات كلها ملكك

ولكن لا مفر من اختيار الهاوية . . دم الصحراء لي وحدي

وعلامات الغسق تنبئ برعب يقترب

سأصفي حساباتي مع الليل

ولن أرضخ لغير نزواتي .

لماذا تتبعني الأشباح .

النسيان خلاصي

وأنا اعرف

لغة الرمل : لا خلاص ولا نسيان في شواطئ العتمة . .

والنجوم سأقتطفهن واحدة واحدة

حتى تغدو السماء جرداء

وارتحل غير عابئ بالريح

والليل المتربص !

* * *

قالت العرافة : أختر ! وهمهمت داخل الخباء

رفعت ساقيها وأشارت إلى سرتها . . . . .

أيخدعني الجموح مرتين :

أقول لنفسي : تعالي

فتفر _ كالزئبق _

مني

وتذوب . . .

(يخضر الليل ويتماوج في مسيل الحصى ...... )

2

أحلام الليل كطيور مهتاجة ... والصحراء تلتصق

بأديم السماء الأسود : قماشة منقطة بالملح وقبة من رخام منمنم

لم يغادرني : جوادي الأجرد ونزواتي

تنتفخ كالأورام . . وحدي مع نفسي التي اطلبها

فلا تجيب , فأتشبث برفيف الرمل وأخوض

في سراب الليل , سبقتني الشمس في الدوران

كدت أمسكها لكنها راغت وانفلتت كقطعة صابون

وهذا الغسق يوهمني بالوصول – الخباء مسدل

وتحته الرعب والشبق . . . الأشباح الليليون تحولوا

الى أنين خفي يسيل من أضلاع الرمل : كيف

السبيل في هذا الموج الليلي .. سأناديك أيتها

المندسة تحت خبائك ورمالك ولهاثك . . . ولكن

الفجر بعيد , والشمس سبقتني إلى مخدعها وأنا

أدور حول نفسي طالبا النجاة . . اهو الخوف

أم اقتراب الجنون . . قالت لي : اختر طريقك

ولا تعذبني .. وكنت متلهفا للصراخ فلم اسقط

إلا في الصحراء . . متلبسا بالنزوات والتوجس

تتخطفني رغاءات . . . الرمل والرغائب .

3

ارهقني الترقب .. والانتظار .. والعري

وفي الغسق المتوحد , الموحش , المرتجف : تتقافز نفسي

ويداي فارغتان , وفؤادي كالطبل : اضربه فيوجعني !

أتلمس جلد الرمل الخشن .. وأفكر بالأشباح في

الفجوات والثقوب الهائمين

في فضاء الليل الدبق ...

أي أنين هذا الذي تبثه الأرض !

أي فحيح هذا الذي يسربه الأديم !

وتحت الخباء يكمن الخطر والأمل والشهوة .

سأفكر بسيرة الزمن غدا . ربما ألان

أو لن أفكر أبدا

قالت لي : ماذا قالت : لا تطلبنَّ الموت , ولكن

من الشجاعة ألا تخشاه واختيارك واحد :

طريق إلى صحراء لا يقود إلى شيء

أو طريق إلى سماء لا تصل اليها !

وفي الصحراء نلبس وحدتنا كالثياب

وفي نسيجها تلسعنا الوحشة والرغبة في الفرار

الى أين ! أريد الجنون فيأتيني العقل

اطلب الفرار فتجيئني الأسوار

اقول لنفسي : انتحري

فتفر مني _ كالزئبق . . . .

4

لا يسع الخباء اثنين . . . سأخبرها غدا عن أمي

كيف قذفتني من أحشائها مبتلا بالدم وغضارة

الرحم والذعر : أكنت مذعورا ! من أخبرني ؟

أمي ماتت بعد أن لفظتني .. جئت أنا وغادرت هي .

والخباء لا يسع اثنين .. فمن أعطى لهذا الغسق

لون الفحم , من أعطاني لون الرمل وأغواني

بالجنون والنزوات , والرغبة في طلب الشمس .

وتحت الخباء تستلقي مكشوفة الساقين !

سأحدث نفسي طول ليل الوحشة

سأستدرجها لتحل فيَّ

سأستدرجها

إليّ

أنا جسد من خشب ورمل

وتحت أضلاعي ينبض طفل

طفل على هيأة الكمثرى . . .

والى متى يظل هذا الجواد ألغروبي صافنا وبلا سرج :

غدا تغير رأيها وتناديني : يا بني !

من قال لي _ لا تأمن النساء .

الصحراء امرأتي

أهيم على جسدها طوال الليل وأبادلها التهتك

والعري والنوم , وفي تدفق فجورها أنسى اختيار الطريق

وأقول للهاوية اتسعي

5

أغنية البنفسجة

على جسدي كنت طوال الوقت

ما ألذك أيها الغريب !

راودتني عن نفسي

فاستجبت لك

ودعوتني

إلى فضائحك ونزواتك

فلم أتردد

أعطيتني الماء

فأنبت لك العشب

وأزحت نقابي

فبشرتك بالرضا

وحين صرنا هاربين كرمانتين

قبلتني على سرتي

وقلت لي :أيتها البنفسجة من أين ابتدئ

فأسمعتك أغنيتي / وأعطيتني ما أريد

أنا عرافة الأبد

وصاحبة الخباء

أنشر على صاريتي أشرعتك

فالريح مؤاتية

6

الماء الليلي يتسرب كالأسرار .. ماتت أمي وأنا أقشر

كالتفاحة من رحمها .. كان ذلك شتاء 1945

تساقط صقيع كالجمر .. إذ كان العالم ينقلب من جنب

على جانب كالمثخن .. وكانت العرافة تنسحب الى حافة الصحراء

وتلملم أحجارها البراقة

وتلفق ألأسئلة:

ـ من فتق أسراري : أنت أم جوتدك ؟

ـ أنا رجل أبحث عن أسئلتي

ـ أنا عرفة الأرض والجذور واللهب ، فمن أنت ؟

ـ لا سبيل المعرفة .. اختياراتنا صعبة

ـ أنت مضحك وتعيس

فمثلك لا يغير جواباته ، ولا يتلاعب بيقينه

ـ لا يقين بين حافتين

لا يقين تُجاه الهاوية !

ـ أذن اختر طريقك وحدك ... لا شأن لي بجنونك !

يساقط على الرمل ندى لا لون فيه

ـ ما كنا نشتاقه لم يعد بايدينا ـ

وخباء الليل كان جنونا آخر

وليس في بريق الحصى علامة طريق

أسقطني قدري في الصحراء

وقال لي : افرد يديك كالطائر .. واتبع الشمس

فستأتيك الطرق كلها ...

وكان الجواد ينتظر

*شاعر عراقي

العـــــودة للصفحة الرئيسة - العدد المزوج 11 و 12


العــــــودة للصفحـــة الام - تكست جريدة شهرية ثقافية مستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق