الأربعاء، 27 أبريل 2011

تكست: العدد 11 و 12 - الدراما الساكنة : استخدام المنولوج الدرامي عند طالب عبدالعزيز





الدراما الساكنة في "صورة العائلة" للشاعر طالب عبد العزيز:

دراسة


في

استخدام المنولوج الدرامي

كتب: عبدالستارعبد اللطيف








تحتفي القصيدة, من خلال "صورة" معلقة على جدار, هي صورة العائلة الكبيرة, و راوٍ صحبة ضيف صامت, بذكرى ثلة من رجال, عاقروا البحر والنهر, والسفر و الترحال ورمي الشباك, حياة و مغنما, و تراثا و تقليدا, وحرفة يتوارثها الاحفاد عن الاّباء, عن الاجداد, جيلا في اثر جيل, كما ترسي (الفاو) – الميناء القصي في الجنوب, نقطة انطلاق و اياب, , صرة العالم تمتد حبالها السرية, الى مشيمات قصية هي الاخرى: غربا حيث (ملقة) جنوب اسبانيا عبر البحر الاحمر, مرورا بميناء عدن, و شرقا الى لاهور مرورا بعبادان و عمان.





تحكي القصيدة, من خلال "صورة" معلقة على جدار, هي صورة العائلة الكبيرة, و راوٍ صحبة ضيف صامت, حكاية ملحمية بنسغين: مأساوي, و هو الغالب عليها و خرافي و هو الشحيح فيها, لرجال غيّبهم التاريخ و الزمان, رغم اعمارهم المديدة التي ما انزل الله بها من سلطان! لكنها القصيدة التي تقول , ف:






الذي ابحر من الفاو الى ملقة, قبل

ثلاثمائة سنة,[كان ] جدي لابي

و رغم انسالهم الكثيرة فذاك :






هو عمي الثالث عشر






و في حياتهم صبر وكفاح و الم, حيث تمزقت غيمتهم هناك, بعيدا عن الوطن, و مات عقابهم في عدن, و فقدت اقراط نسائهم, و ماتت امهاتهم, و ارتخى لهم حبل و ارتعشت ايدي, و انغلق صدر و ضاقت الدنيا بما رحبت عليهم, و لو شاء القدر, ان تموت ذكراهم, لو لا صورتين للعائلة – الاولى ل:






جدي لامي و بحّاره العماني

هما من تزيّن صورتهما

دارّة الضيوف , بمنزلنا على النهر







ثم سكت الراوي عن كلامه, و كف عن الادلاء بمزيد من الاقوال, او الايتاء بفعل من الافعال فيما يخص صدى تقبل ضيفه الذي يرافقه لتلك الصورة التي سبق ان رآها, ليعمق معرفتنا او ليخلق تواصلا معنا, كما انه لم يسرد اية تفاصيل بشان زمان و مكان, و خلفية و الوان, تلك الصورة في "دارة الضيوف" فقد اكتفى بهذه الاشارة المقتضبة عنها ليضيّع فرصة درامية, ما سجّل فيها اي رد فعل او استجابة لفظية, من لدن محدثه ازائها!و يا ليته فعل و الصورة الاخرى: هذه المعلقة على الحائط هنا, امامنا, و التي تظهر ملامح رجال, ينتمون الى اجيال اربعة, هم (جدي لابي, عمي الثالث عشر, امي, اخي و ابن خاله, جدي لامي, و انا اضافة الى البحار العماني )- و تعاصرت كل الاجيال (كيف؟ وما عمر اكبرهم؟) و تعايشت و التقت, في صورة يمتزج فيها الواقع بالخرافة, غدت تذكارا عزيزا, و ارثا ثمينا, لعائلة يمتد الزمان بها, الى اربعة قرون خلت, و اصبحت مفخرة الراوي حتى انه وجد ان لابد ان يرافق ضيفه اليها , يقف عندها و امامها, يقدم شخوصها المصوّرين واحدا واحدا مستخدما تقنية الزووم السينمائية Zooming, و القطع المفاجيء Cutting للقطات, من اجل خلق خداع بصريا (فانتازماكوريا Phantasmagoria) للمشاهد Scenes المتعددة و ليسرد بعض ما اختزنته ذاكرته الممتدة, لاكثر من مائة عام, قد خبرها عنهم كحفيد و ابن بار – وهذا السرد غيض, من فيض الذاكرة, قليل, وشحيح, مقارنة بعمره المديد,أ تراه شاخ ام وهن ليحكي عن حكاياتهم واحدا و احدا ثم ان الراوي و هو يلمّ مشاهد تلك الحكايات ,المتقطعة Fragmented, المتباينة, المتفرقة, عن اهل بيته – المشاهد Scenes المحكمة الربط بالاطار العام للصورة, تارة, و المحكمة الربط بضمائر التملك للراوي نفسه, اِفرادا ("ي" عددها 9) و جمعا ("نا"1) , مع ضمائر للغائب المذكر و المؤنث (هو, هي, ه, ها, هما), المفرد و المثنى, العاقل و غير العاقل, الواضح الدلالة و غير الواضح الدلالة كـ ("تاء التأنيث الامامية" في "تنغلق" .. هل تعود الى "يده" ام الى "الشِباك", تارة اخرى, و اسماء وصل (من, الذي) , اضافة لاسماء موانيء (بحرية: الفاو, ملقا, عدن, عبادان) و مدن غير واقعة على البحر كمدينة لاهور في مقاطعة البنجاب و الاشارة – مجرد اشارة و لم تستثمر- الى مسقط عبر (البحار العماني)( وهنا يرد للذهن "البحار الفينيقي" الذي ورد في الارض اليباب لاليوت!) ليقدم الراوي, بانوراما شاملة لتراجيديا العائلة, لم ينل او يحظى او ان طريقته في تقديم الشخوص – افراد العائلة المفجوعين- لم تلق صدى لدى ضيفه المرافق, السامع, الصامت ( وانا و انت ايضا), و الذي طال صمته, و لم يبد استجابة او رد فعل: لا لفظا و لا حركة, لم ينفعل و لم يدهش و لم يتجاوب و لم يتساءل و لم يقترب و لم يبتعد و لم يجلس و لم يكرر جملة لم يسمعها و لم يوميء او يشر باصبعه و لم يحمد الله انه شاهد هؤلاء ..لم يبدِ استجابة تستحق التسجيل او التنويه اليها من لدن الراوي ليخبرنا ...و كانت امام الراوي فرص كثيرة اقلها بعدد الشخوص في الصورة من ردود الافعال كي يحفز ضيفه على التفاعل و التواصل معنا عن طريقه هو وحده, اي عن طريق مفاتيح هو مالك اقفالها و لحقّق المنولوج الدرامي غايته, و لكننا لم نسمع او نشهد اي رجع لا من قريب و لا من بعيد, لهذه المفاتيح, مما جعل القصيدة عاطلة عن عناصر ضرورية لاستكمال الدراما الكامنة, و اشدد على الصفة "الكامنة" و التي كان بوسع الراوي استغلالها, حتى اقصاها, لكنه لم يفعل فاضاع الفرصة مرتين! يلاحظ اصرار القصيدة على تكرار لفظة "صورة" في موقعين- اولا بالعنوان و ثانيا بالاشارة اليها في "دارة الضيوف", و التساؤل لماذا لم تستخدم لفظة "لوحة" بدلا عنها فالاخيرة توحي بالرسم كفن و بالرسم بالزيت تحديدا كما توحي بمقاسات معينة- هناك مقاسات معروفة للوحات الصالات.. اليس كذلك ناهيك عن ان "اللوحة" توحي بالفن و بالذائقة الجمالية و بالرقي المعنوي و المادي معا, فأصحاب اللوحات اي جامعو التحف الفنية من الذين يعلقونها في صالات الاستقبال هم الاغنياء و هم عليّة القوم اما "ايحاءات الصورة" فتمتد الى الكاميرا و الفوتوغراف و بمقاسات معينة غالبا ما تكون الصور الفوتوغرافية صغيرة خاصة قبل مائة عام و نيف و هو عمر الراوي في القصيدة, فضلا عن الصورة كفوتوغراف, أختراع حديث نسبيا لا يرقى تاريخه الى عمق فن الرسم... فهل يقصد الراوي "اللوحة" فتعجل فلفظ "صورة", ام انه فعلا اخطأ في الاستعمال اللغوي, و في الحالتين, يكون قد وقع في ما يسمى بالمفارقة التاريخية Anachronism كما يحدث في المسلسلات التاريخية, عندما يظهر الممثلون, بساعاتهم الالكترونية او ربطة عنق!










تعتبر (صورة العائلة) – كما اعتقد- قصيدة اعترافية في ثيمتها و ذات نفس لويلي Lowellian (نسبة لروبرت لويل ابو التيارالاعترافي Confessional Poetry في الشعر الامريكي الحديث) و هي سمة غالبة لدى الشاعرطالب عبدالعزيز, كما انها سردية حوارية: ( ليس بمعنى Dialogue حوار و انما بمعنى محادثة Conversation مع تصميت المحاوِّر الاخر) كما انها اعتمدت المنولوج الدرامي مبنى لها, و الذي يقتضي (بحسب ابرامز Abrams في كتابه مسرد المصطلحات) : اولا- وجود صوت شعري يصرح بالقصيدة كلها, في زمان محدد و في موقف معين, منفصل عن الشاعر, بل يتخفى وراءه, و قد يمثله او لا يمثله و ليس بالضرورة ان يعبر عنه و ثانيا- ان يخاطب جمهورا متضمنا في ثنايا النص, جمهورا معينا يتفاعل معه و قد يكون ضيفا او مرافقا مصاحبا فردا او مجموعة...و لا سبيل لمعرفة هذا الجمهور(او ذلك الضيف) و ما يقول و ما يفعل الاّ عن طريق مفاتيح و اشارات و تلميحات مبثوثة في خطاب الصوت الراوي و هنا يكمن لب الدراما و ثالثا- ان المغزى الاهم لاختيار الشاعر هذه التقنية ان يكشف للقاريء, بطريقة ما (تنال اهتمامه) , عن مزاج الراوي و شخصيته و اهتماماته و ثقافته...و رابعا- محاكاة الحديث اليومي .. اما صاحب قاموس المصطلحات الادبية و النظرية الادبية جي. أي. كددُن Cuddon , فيرى ان المنولوج الدرامي يندرج ضمن ادب الشكوى, الذي شاع عند شعراء القرون الوسطى و التروبادور و البروفانس و عصر النهضة, و لعل من قصائدهم تلك التي عرفت ب(أغاني الفجر) حيث يبث العشاق شكواهم لليل او القمر لسرعة انبلاج الفجر و ظهور الضياء الاول و فوات الفرصة على العشاق في تحقيق مآربهم, و غالبا ما ترد بلسان عاشقة متيمة! و ان المنولوج الدرامي - كما يستطرد كددُن - انما نما و ازداد وتطور في الاستخدام بحلول الحركة الرومانسية فأستخدمه وردزورث في قصيدة الشوكة و دير تنترن و كولوريج في قصيدة اغنية البحار القديم و كيتس في قصيدة أمرأة بلا رحمة و ابدع فيه الشاعر روبرت براوننج في جل قصائده و ابرزها قصيدة (آخر دوقة لي My Last Duchess) التي اصبحت قصيدة "مدرسية" نموذجية لدراسة المنولوج الدرامي و التي نعتقد ان (صورة العائلة) لطالب عبدالعزيز في تناص معها او رجعا بعيدا غيرموفق لها!








ان قصيدة براوننج تحكي حكاية اصلها واقعي لها مصادرها في كتب تاريخ عصر النهضة الايطالية, عن دوق مدينة فيرارا العريقة و الغنية, الواقعة في شمال ايطاليا, حيث تستهل القصيدة بأصطحاب الدوق ضيفه- المبعوث الذي ارسله الكونت ابو زوجة , جديدة, مرتقبة, يود الدوق الان التباحث حول الاقتران بها, اولا و ارسال رسالة عبر المبعوث, ان تكون الزوجة الشابة الجديدة, مطيعة, حد العبودية, لا يقبل دون ذلك, و الا يكون مصيرها كسابقتها, و لكن ليس قبل اعلان موافقته على المهر الذي سيدفعه والدها اليه, وفق عادات ذلك الزمان, و يستوقف الدوق, متعمدا, ضيفه عند لوحة زيتية معلقةعلى الجدار المحاذي للسلّم الذي بدآ يرتقيانه, معا صعودا الى الطابق الثاني, من القصر, و يبدو ان الضيف كان رجلا عجوزا بحيث ارهقه صعود درجات السلم فأقترح عليه الدوق ان يجلس على كرسي ليتمعن مليا باللوحة او ان الدوق نفسه اقترح عليه الجلوس عند اللوحة الجميلة لاخر دوقة فاتنة و يبدأ الدوق الخطاب و نرى ردود فعل المبعوث, و نسمع كلماته و هو يتسائل عن أسم الرسام , تارة, او يستديركي يسال الدوق, و ردود الافعال هذه, تَرد و تُعرف و تُكشف, بشكل غير مباشر, من خلال كلمات الدوق الراوي نفسه....الذي يلمح بأعترافه قتله زوجته الفاتنة, متهما اياها, بالخيانة, بعد ان يسرد للمبعوث, سلسلة من تصرفاتها, غير اللائقة كما يعتقده هو و ربما ليست هذه كل الحقيقة, اي ان القصيدة, من خلال ركونها لاستثمار المونولوج الدرامي, كشفت وجهة نظرالراوي التي توهم انه برع في اخفائها, فهو اناني, معتد بنفسه, و بعراقة اسم عائلته, و انه استحواذي, متجبر, و متسلط, و مختال, و محب للفنون و التحف, وهي وجهة نظر ذكورية, نتاج عصرٍ يرى المرأة تحفة فنية جميلة , كسائر التحف الثمينة التي يزخر بها القصر- يمكن ان تباع و تشرى او يتخلص منها وقت ما شاء... و يرمي الشاعر, عبر احياء قصة قديمة, حقيقية, تعود في زمانها و مكانها الى القرون الوسطى, الى اثارة هذه القضية: المرأة و التسلط – في زمن استجدت به متغيرات كثيرة و مطالب اجتماعية شتى و ظهور افكار و فلسفات تنويرية و اصلاحية و راديكالية في القرن التاسع عشر برمته , و منها الدعوة للتحرر و كسر القيود و المناداة بالمساواة و حق التعلم و حق العمل و حق التصويت و الترشيح و حق اختيارالزوج و حق الرفض و حق الارث و التوريث و حق احتفاظ المرأة لاسم عائلتها قبل الزواج و حق استخدام اسمها الصريح عند الكتابة في الصحافة او عند نشرها كتابا او رواية او ديوان شعر, دون اضطرارها لفعل ذلك, تحت غطاء اسم ذكوري, تنكري تتقنع خلفه, فقط, ليمنحها جواز المرور لمجتمع تسود فيه قيم ابوية, ذكورية, كنسية, تسلطية... اذن القضية في هذه القصيدة, قضية بناء مجتمع جديد بقيم جديدة و النظرة للمرأة هي المفتاح للتغيير و الاصلاح و التقدم.







الان ماذا في قصيدة صورة العائلة؟ اعتقد ان الحدث بزمانه و مكانه( اي Setting و لا اجد في اللغة العربية مقابل له) لم يشيّد عن طريق الدراما اي لم يتأسس عن طريق ردود افعال بنوعيها – الحركي (كيناتك Kinetic ) و لا اللفظي اي اللغوي ( Verbal) لانه لا توجد ردود افعال و لا توجد استجابات عبر الراوي... اذن ما الذي جرى هنا؟ ان معرفة الزمان و المكان تمت عن طريق السرد و الوصف القائمين على اتخاذ لقطات زووم للشخوص في صورة العائلة و ليس عن طريق حدث درامي... اذ لا توجد دراما حقيقية و حتى و ان وجدت و هي لا تخلو من ذلك, فهي دراما ساكنة, كامنة, و اذا اعتبرنا ان للمعنى طبقات اركيولوجية فأن الدراما هنا تقع عند السطح, دون الاعماق, مما يجعل القصيدة دربة في طريق التمرس على المنولوج الدرامي او اعتباره لعبة لغوية لم تكتمل اشتراطاتها بعد, اضافة الى ان القصيدة, لم تعلن موقفا من هذا (الفاو) الذي تحبه و تتغنى به و تحتفي بذكرى المغيبين من رجال عظام, غير الذكرى و بث الشكوى و تأكيد الذات الراوية/القناع/ الشاعر بالانتماء ... و هل هذا كل شيء؟ لا اعتقد.. لان الفاو يقترن بأيحاءات كثيرة قريبة العهد و بعيدة العهد ... صحيح ان القصيدة التجأت الى التاريخ .. تاريخ الفاو عبر تاريخ العائلة التأسيسية للراوي – العريقة النسب, لكنه لجوء غطى على التاريخ بالتاريخ – غطى التاريخ القريب .. الالام القريبة العهد منا, نحن ابناء هذا الجيل, العذابات و الجروح التي لم تندمل بعد, و حرائق الذات للمدينة المنكوبة و للمغيبين من اهلها, و التي لم يهدأ اوارها بعد, و هل مصادفة ان جعل الشاعر راويّه يعلن صراحة عن نفسه:








أنا

قبل مائة عام





أنما لكي يعلن براءته من اللحظة القريبة, او هروبه منها, في وقت قصد تسليط نقطة الضوء عليها, فأوقع عالما من مدينته الاسطورية ( او التي اراد ان تكون اسطورية) - في العتمة من حيث لا يدري!





صورةُ العائلِة


الشاعر طالب عبدالعزيز












الّذي أبحرَ من الفاوِ إلى مَلقَةَ ،قبلَ

ثلاثمائةِ سنةٍ ، جَدّي لأبي

والّذي تمزَقتْ غيمتُه في عَدَنٍ ،

وماتَ عُقابُه ُهناكَ

هوَ عمّي الثالثُ عشرْ

أمّي التي حَملها أبي في سَفينتهِ ،

مِنْ لاهُور

هيَ التي فقدتْ قِرطها على الطَّريقِ

قبلَ أنْ تمَوُتَ

في عبَّادان..

واللّذان أرْخَيا الحَبلَ ،

فانخْرَطَ حارَّاً، بينَ أيديهِما

أخي وأبنُ خالِه ..

الحبلُ انسحبَ طويلاً

على الماءِ ،القواقعُ والنّجومُ

تعْلقُ، إلى الآنِ به ِ

جدّي لأمّي وبحّارُه العُمانيّ

هُما مَنْ تُزيِّنُ صورتُهما

دارةَ الضُّيوفِ ،بمنزلِنا على النَّهرِ

أمّا الّذي يقفُ في الظِّلِ

يُجاهِدُ ألا يسقطَ تمثالهُ ُ،

يُومِئُ لليمام الصّاعدِ والسَّنادين

فهوَ أنا ..

قبلَ مائةِ عامٍ

مُقلِّداً حركةَ يدِ أبي الرّاعِشةِ

يده التي رمت الكثير من الشباك

قبلَ أنْ تنغلقَ على صَدرهِ

الّذي يضيقُ اليَوم ْ.










المنشورة في تكست- العدد التاسع- تشرين الثاني- 2010






اخر دوقة لي


فيرارا








للشاعر روبرت براوونج


ترجمها عبدالستار عبداللطيف










"تلك هي آخر دوقة لي لوحةً على الجدار,

يخيّل للناظر كما لو كانت تنبضُ,

اعتبرُ تلك القطعةَ الفنية آية", "الان"- لقد عملت انامل فرا باندولف

بجد اياما و اياما وفي النهاية ها هي تقف هناك!"

"هل يعجبكَ ان تأخذَ لك مقعدا لتمعن النظر اليها؟"

قلتُ "فرا باندولف", كتصميم, و لم يتسن

لغرباء من امثالك, ان قرأوا ذلك المحيّا المصوَر,

ذلك العمق, ذلك الانفعال, لنظرتها الصريحة

ما لم يلتفتوا اليّ (لا احدُ سواي - يقترب من هذا الستار الذي ازيحه لك)

و يبدوا انهم يتمنون لو يسألون, هذا لو امتلكوا الجرأة,

كيف لتلك النظرة ان تكون هناك: اذن هكذا, لستَ الاول

يستدير ليسأل عن ذلك. سيدي, اعلم ليس

وجود زوجها وحده وراء

رصعة الفرح البادية على وجنتيّ الدوقة: ربما,

لقد صادف ان فرا باندولف طالما ردد :"ان الازار يحتضن معصم سيدتي بافراط" او " دع فن الرسم كله

لا يحسب نفسه بقادر مطلقا على اعادة خلق ذلك التورد الخجول الناحل,

الذي ينزل حتى حنجرتها ليختفي!" – مثل هكذا اقوال اطراء لها, كما اعتقدت هي,

و بالتالي سببا معقولا لرصعة الفرح تلك... لقد كان لها قلبٌ – كيف لي وصفه بكلمات؟ سريع الفرح جدا جدا,

ينفعل بسهولة جدا جدا, ثم انها تغرم بكل ما يقع تحت ناظريها- ان نظراتها تجول الارجاء كلها.

سيدي, هو كل في واحد, هيامي في ذلك النهد,

انهمار ضوء النهار غربا, غصن من الكرز

كسره متطفل في البستان, ذلك البغل الابيض

الذي تركبه لتلف حول السياج, الجميع بل كل شيء

يستدر منها رضا و قبولا

او توردا خجولا, و على الاقل, تراها تشكر كل الرجال- ذلك حسن؟

لكنها تشكرهم بطريقة ما – و كيف لي ان اعرف كيف؟- كأنها تعدل بين

مكرمتي: اسم عميق في الزمان – تسعمائة سنة

ومكرمة أيّ من النكرات ! ثم من يدنو يلوم

تلك التفاهة؟ حتى و لو امتلكتَ صنعةً

في الكلام – (و انا لا املك ذلك)- لمجرد ان اعينكَ في قراركَ

لهكذا قضية و أقول لها "فقط هذا

او ذاك فيكِ ما يقرفني, هنا اخطأتِ,

او, هناك تجازوتِ الحدود"- هذا اذا طاوعت

نفسها ان تأخذَ درسا و هي ليست ممن

يرتّب فطنتها لفطنتكَ بيسر, و في الواقع, تأتيكَ بتبريرات-

حتى و لو أستلزم تقديم تنازلات, أنا من جانبي, اخترتُ

ألاّ اتنازلَ أبدا. اووه ه ه سيدي, كانت تبتسم, بلا ادنى شك,

كلما أمرُ عليها, ثم من الذي يمرُ عليها دون ان يحظى

بأبتسامةٍ مماثلة؟ و هذا كبَر عندي , فأعطيتُ اوامرا,

ثم توقفت كل الابتسامات مرة واحدة ... هناك تقف الان

كأنها تتنفس. "هــــــلا تنهض؟" سنوافي

بقية الصحاب في الاسفل, بعد حين. اٌكرر,

ان كرم سيدك الكونت حجة عظيمة لم يترك لي سببا

لرفض المهر,

رغم ان ابنته الجميلة هي لذاتها- كما اقررت

منذ البداية, الشيء الذي اريده. "كلا. سننزلُ

معا الى الاسفل, سيدي! لاحظ نبتون هنــــــــاك! اووه,

و هو يروّض امواجَ البحر- و ذلك الحصان و اعتقده تحفة نادرة,

لقد صبّه من البرونز كلاوس (من انسبروك)- لي وحدي!

(1842)










*أكاديمي عراقي







العـــــودة للصفحة الرئيسة - العدد المزوج 11 و 12






العــــــودة للصفحـــة الام - تكست جريدة شهرية ثقافية مستقلة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق