شعر كردي حديث ..
قصائد تمشي على قدميها
شعر : طيب جبار
ترجمة : عبدالله طاهر البرزنجي
1. بوسعي
بوسعي ،
أن أغير مسير الحياة ،
علناً أبدأ بجني الليل
و أجمع النجوم .
أقص جناحي الريح ،
أمنعها من الطيران .
أصطحبها الى البيت ،
كي تروي لي قصة همومها .
بوسعي ،
بمساعدة الصراخ ،
أن أضع مبادئ
لغة الصمت .
بالاستشارة مع الاشواك و الادغال
أضع قانوناً لكيفية
إشتعال النيران و إنطفائها .
بوسعي ،
بقبضتين من الظلال
أن أجعل عجينة المعنى
أكثر نعومة .
عندها أطبخها على وميض هادئ .
بوسعي ،
أن أكتب نوطة
سقسقة العصافير .
أحدد الدروب التي
يسلكها الدخان ،
حين يصعد الى السماء .
أنحت من الضباب
هيكلاً للحبيبة قامتها فارعة
بقد قامة المطر .
2. أنا اعرف .
أنا أعرف ،
إن الارق أخفى
مفتاح باب النوم .
و يدفع الاضطجاع
نحو حافة جدار اللاإمكان .
أنا أعرف ،
إن النسيان بطالة مريحة ،
تأتيك عبر دروب ملتوية .
يمنع عنك زيارة
مصائف و مشاتي الماضي .
أنا أعرف ،
الفوضى له رؤوس خيوط كثيرة ،
إن لم تنتبه ،
يسحبك نحو زقاق ملتو ،
في شارع مهجور .
أنا أعرف ،
إن المطاردة و المحاصرة
تعلمانك
زرع شتلات الفناء .
تقيدانك في أتون اللاثقة .
تسدان بوجهك ..
أبواب الصلح و التفاهم .
أنا أعرف ،
إن شجون القلب ،
تكشط غشاء الشعور و العقل .
تجرك نحو صراعٍ غير متكافئ.
3. تعلّم
تعلّم ،
كيف تمسك بذيل ..
الغيمة المخضبة بالمطر .
تنزلها الى الارض ،
تغسل غيثها ،
بعد ذلك ..
تطلقها الى السماء .
تعلّم ،
كيف تقبض على النار ..
التي تتجرع الدخان ،
تشعلها و تحرق دخانها.
و تجعلها أليفاً ..
في مستودع الحطب .
تعلّم ،
كيف تسحب السماء ،
التي تعاني منذ سنوات
من البقع الوسخة و اللون الازرق .
الى السطح و تفرشها ،
ومن ثم تدبغها
و تعطيها لوناً بنفسجياً فاتحاً
و تعلقها في مكانها الاصلي .
تعلّم ،
كيف تعلق الطريق الترابي ،
طولياً بحبل الغسيل ،
تنظف جانبيه من الاشواك ،
و تهزه لأزالة آثار الاقدام و الاطارات ،
ثم تفرشه في مكانه السابق .
تعلّم ،
كيف تنسل ليلاً ،
الى سطح بيت ( بيرمكرون ) (1)
و تعانقه ..
وتفرك صدره
لحين يستسلم نهائياً ،
لحين يفيض وادي ( خرى زيوى ) (2)
بالفراشات .
تعلّم ،
لكي يكون جسدك ناعماً دائماً
كيف ترشه
بدقيق الماء المجفف .
لكي يكون صوتك شجياً دائماً ،
كيف تزيت حنجرتك
بدهن الموسيقى .
(1)بيرمكرون : جبل شاهق قرب مدينة السليمانية .
(2)خرى زيوى : أسم الوادي الذي ينزل من الجبل نحو السهل .
4- أهب قلبي
أهب قلبي لشجرة ،
تكنس ظلها .
تنصح الريح ،
أن لا تمتطي فرسها و تعدو ..
خلف الليل .
عليها أن تشاور السهول و الهضاب ،
كي لا تتساقط الفراشات ،
كي لا تذهل الغلال ،
وتهرول وجلاً .
أهب قلبي لمطر ،
يحك رأس الارض ،
خلال الفصول الاربعة .
يلقن الاشجار دروس الرياضيات ،
و العشب قواعد اللغة .
ويعرف أن يمشط ،
شعر السماء جيداً ،
أهب قلبي لنهر ،
لا ينقل غضب النبع
ومكر الغيوم ،
يجمع الشتلات المعارضة ،
يوزع عليها حلاوة الخرير ،
و يردد لها اغنية الغابة ،
أهب قلبي لنغمة
لاتصدأ .
تنتشر في منعطفات ..
السفوح و الوديان .
تٌستقبل دائماً ..
في السهول و الهضاب .
أهب قلبي لإمرأة ،
لها برنامج لعصر الوميض
وتعليق الاغاني على حبل الغسيل
تعمل دائماً لإذابة ..
نزوة الوحدة .
تطبخ التعايش الجسدي
ثلاث وجبات في اليوم
تعرف كيف تغسل الندى ،
وتغربل السقسقة .
تستطيع ليلاً بصفعة الضحك ،
أن تطارد شبح الانفصال
تطرد الثرثرة من البيت ،
و تحس بالفارق بين ..
النظرة الخشنة ،
و الهمسة الملساء .
5- أنا قلت لك
أنا قلت لك ،
إن ذلك الجبل ،
جرحه الظلام .
و المنطقة تنزف دماً أسود .
الافضل أن تداويها ،
بغبار الشعاع ..
ولعاب النجوم .
أنا قلت لك ،
أن ذلك الشجرلا ينام ،
مصاب بالحمى ،
أجبل له ملعقتين
من النسيم و الندى ،
كي لا تسوء حاله أكثر .
أنا قلت لك ،
إن تلك النار ،
متمددة على ظهرها ،
مرهقة ، تشعر بالحَرّ .
روح عنها قليلاً ..كي تنام .
أنا قلت لك ،
إن هذي الطريق قصرت ،
قل لأهل القرية أن يغيثوها ،
لأنها لا تستطيع الوصول .
أنا قلت لك ،
لا تشم رائحة فم القمر ،
و إلا تكون مكوراً مثله ،
تتساقط منك حراشف الوميض .
لاتتبع الضباب ،
و إلا تنتشر مثله ،
و تفقد ظلك .
6- أنا أريد
أنا أريد ،
أن أضيّف البرد و الحر
فيبيتي .
يحدثانني عن تأريخ
عذابات تسامق الجبال
و أنبساط الصحراء ،
أنا أريد ،
أن أوظف لديّ موجة ،
بمرتب جيد .
تنقل لي يومياً ،
أخبار أعماق البحار .
أنا أريد ،
أن أدجن زوجاً من قطرات المطر ،
في قفص .
أمنع عنهما الماء و الغذاء .
لحين يدليان بأعترافاتهما ،
عن أسرار كيفية ،
بدء هطول المطر ،
و وقوفه .
أنا أريد ،
أن أقف في طريق الريح ،
أسألها:
- من أين تأتي كل يوم
و الى أين تذهب ؟
- و عندما تتعب
أين تستريح ؟
أنا أريد ،
أن أغوي نهدين ،
أنومهما ليلاً معي ،
عبر المناغاة تحكيان لي ،
حكايات دغدغة الأنامل ،
و رعشة الشفاه .
7- أنا بحاجة
أنا بحاجة ،
الى متر او مترين من الاصغاء ،
لشد و ربط الصدى ،
كي أستطيع قياس أبعاده الثلاثة ،
و احسب حجمه ،
أنا بحاجة ،
الى حفنة أو حفنتين من التحديق ،
أرشها على جسد البكاء ،
أخدرها بدرجة لا تستطيع العودة ،
الى بيت الحدقة .
أنا بحاجة ،
الى ملعقة أو ملعقتين من الشم ،
لترطيب فم و أنف الغضب ،
و إزالة عادة التقليد ،
أنا بحاجة ،
الى كيلو أو كيلوين من التذوق ،
للحفاظ على التوازن ..
بين النهم و الجوع .
وقياس وزن اللا إشباع ،
أنا بحاجة ،
الى صفحة أو صفحتين من اللمس ،
لرسم خارطة وطن يترنح دوماً ،
لكتابة تأريخ النواح
و سطور من رغبات الجسد .
أنا بحاجة ،
الى طبق او طبقين من القُبل ،
أسلق قسماً منها ..
بقهقهة الحبيبة
لوجبة جنب المساء
وقسماً أقليه بالاّهات
لوجبة أسفل منتصف الليل .
و ما يتبقى ،
أطعمه هلامياً
لتثاؤبات وجبة حافة الفجر .
طيب جبار : شاعر و مهندس كردي من كردستان العراق
عبدالله طاهر البرزنجي : شاعر و قاص و ناقد ومترجم من كردستان العراق
العـــــودة للصفحة الرئيسة - العدد المزوج 11 و 12
العــــــودة للصفحـــة الام - تكست جريدة شهرية ثقافية مستقلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق